ديالا علي – كيفَ أصبحَ الخوفُ هاجساً رئيسياً أمامَ الفتيات فيْ المضيّ وراءَ طموحاتهنَّ؟!

الخوف من العوامل الأساسية التي تقف أمام إدارة و تدبير الأعمال الحياتية لا سيما المضي قدماً نحو الأحلام الكبيرة التي يطمح إليها الشباب و الشابات لإثبات أنفسهنّ في كافة المجتمعات البشرية!
ديلان شابة كردية في العشرينيات من عمرها، تسكن مع والدتها في منزل لا بأس به من ناحية البناء، تعمل كمدرسة للّغة الإنكليزية لتعيش هي ووالدتها دون الحاجة للغير كما لديها مرسم في ذات الحي.
تتحدث بعنفوان عن أحلامها التي تنوي تحقيقها في المستقبل القريب، و لكن دائماً ما تقف عند كلمة “و لكن” هذه الكلمة التي هي بمثاية صاعقة و شلل كلّي لأصحاب الخيالات الواسعة و المقبلين على الحياة بكامل طاقتهم!
في كل حديث كنّا نتناقش، كانت تتحدث عن الخوف و عواقبهُ على حياتها بشكل كامل، لا سيما كونها فتاة تعيش في مجتمع ملتزم بعادات و تقاليد صارمة، من يتجاوزها يعتير محكوماً عليهِ بالإعدام أو الإقصاء! فمنذ الصغر و هي تعيش في هذه الدوامة غير المتناهية، ترغم نفسها على العمل والكفاح لتجد في النهاية هادرة كل طاقتها دون الحصول على لذة الإنجاز، حسب رأيها.
في الكثير من الأوقات لم أعد قادرة على الإستمرار بسبب الأحاسيس البغيضة التي أعيشها و أولها اليأس.
فالخوف و ما يرافقهُ من الشعور بعدم المنفعة و اليأس تجعلان حياتي باهتة و غير مجدية حسب قولها، تقول: أسباب الخوف عديدة و أهمها الشعور المعدوم بالأمان في المنطقة التي نعيشها، الأعراف المتوارثة حول المرأة حيث النظرة الجمعية حول تصرفاتها و جسدها كما العوامل الإقتصادية التي تعيشها البلاد و ما يلازمها من الحالة النفسية الناجمة عن الحرب الدائرة في سوريا تجعلها غير قادرة على انجاز ما تريده!
ففي مرسمها توجد أدوات للرسم و التعبير و لكن كل هذه الأشياء لا توفّر لها ما تحتاجه بصدق لإتمام مشاريعها و النهوض نحو العالمية أي الحلم الكبير كما تصف.
صحيح أنَّ الألم يولد الإبداع في معظم الأحيان و لكن في الكثير من الأحيان يشكّل شخصية عاجزة غير قادرة على تحمّل المزيد و الإنغلاق على الذات!
طيلة سنوات الحرب التي عاشها الشعب السوري بمختلف أعمارهم و فئاتهم دائماً ما كان يراودهم شعور الخوف!؟
فعندما أجابت ديلان على سؤالي بخصوص لماذا الخوف أو ما هو العامل الأساسي خلفهُ بدت مرتبكة نوعاً ما و هي تقول الخوف من المستقبل المدوي الذي ينتظرنا!
سأظل إمرأة في نظر المجتمع حتى لو أصبحتُ رائدة فضاء فبالرغم من الظروف التي نمر بها من جوع، تشريد والحالة الإنسانية الميؤوس منها حسب رأي الجميع يبقى الخوف الأكبر هو كوني إمرأة حيث يتوجب عليّ أن أخاف من جسدي كما علموني، عدم تصديق حدسي و لو كان صحيحاً وعدم الإقتناع بأفكاري وآرائي.
عندما أذهب للعمل أول ما تنبهني والدتي عليه هو لباسي و حركاتي الطفولية بحسب رأيها لا يجب على المرأة البالغة بأن تكون طفلة و هي لا تعلم بأنَّ مصدر إلهامي هو طفولتي المعذّبة هذه!
نظرة المجتمع الملطخة بالعار و ملامحهم العبوثة الحائرة حول شخصيتي عندما أدخل إلى أي مكان يتطلب مني ذلك دائما ما تشعرني بالرهبة و الهيجان كما فقدان الثّقة بالنفس! جميع التكهنات الموصّدة حول عنقي بدأت منذ ولادتي حتى يومنا هذا العجز بعدم القدرة على فعل شئ على غرار تلك الطاقة الكامنة التي تجري في جسدي تشكل حالة تناقض كبيرة في شخصيتي و أمام جموع الناس من حولي.
كل هذا يمنعني من إظهار شخصيتي الحقيقية و إطلاق عنان مواهبي المدفونة في داخلي.
إن الثقافة التي تربينا عليها ككل تحجب عنّا الكثير من الأشياء الجميلة و المعاني العميقة التي تحتوي على الكثير من القيّم النبيلة!
و في نهاية الحديث تتحدث ديلان بحسرة لتقول:” لا يجب على المبدعين مثلي العيش في هكذا بيئة، لا تأخذي كلامي محطّ حقد أو كراهية تجاه المجتمع، بالطبع يوجد أشخاص داعمين يستطيعون احتوائك وتقديم المساعدة الممكنة لك و لكن الأغلبية يفكرون بنفس الذهنية و الخوف هو المحرّك الأساسي في حياتهم”.
أتمنى لو نحظى في الأيام القادمة على الأمان و الإستقرار الذي نلوذ إليه منذ زمن حتى نستطيع بناء واقع أفضل من خلال أفكارنا و وجهات نظرنا ليليق بأرواحنا المنهكة هذه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق