“ليش لهلا ما تزوجتي”!

ديالا علي

جملة تتكرر على مسامع النساء كثيراً مثل رفة الجفن أو رشفة الشاي الإعتيادية.

أن تكون في الشرق الأوسط، ليس غريباً عليك أن تسمع مراراً و تكراراً عبارات من قبيل؛  كم ولداً عندك؟

كم يبلغ مرتبك الشهري؟

مرتبطة أم لا؟

بالإضافة إلى الجمل و الاستفسارات الشخصية البحتة، المتعلقة بالحالة العاطفية، الاجتماعية، المادية و غيرها العديد من الأسئلة المحرجة التي يخجل المرء البوح بها أحياناً بينه و بين نفسه، حيث لا تقتصر الأمور لديهم بسؤال أو اثنين، كما يرون أن من واجبهم الاستفسار حتى إذا اقتضى الأمر السؤال عن لون مخدتك أثناء النوم “تخيل يرعاك الله”! فمثلاً أن تتخطي العشرين عاماً من عمرك، و لم تفكري أو تخططي للزواج أو الارتباط، فهذا الأمر يجب أن يكون مفروغاً منه، حيث تدور حوله الكثير الكثير من إشارات الاستفهام و الشكوك.

أنت فتاة في ريعان شبابك ليس من المنطق الاستمرار في العيش دون وضع الزواج في المرتبة الأولى من أولوياتك، فالغاية الأساسية من مجيء الأنثى على هذه الأرض حسب المفهوم الشائع للمجتمع هي تكوين العائلة و رعاية الزوج و مراعاة البيئة المحيطة و مجاملتها طوعاً، دون النظر إلى متطلبات الطرف الآخر أو تقدير مشاعره. فالزواج أصبح وسيلة سهلة و مقنعة لكل فرد يريد التهرب من الواقع أو التخلص من أفراد أسرته دون عناء أو ذنب، أصبح بهدف أو بدونه مخرجاً سلساً، ينسى الناس من خلاله همومهم و مشاكلهم المتراكمة، و كأنه المصباح السحري الذي يلبي جميع المتطلبات و يحل المشاكل المتعلقة بحياة الفرد كافة، بالإضافة إلى فك عقدهم النفسية ظناً منهم بأنه الحل الأمثل لعيش زهيد و واعد .

في هكذا أوضاع و بين المئات، لا، بل الآلاف من الآراء و المعتقدات المتناقضة حول مسألة الزواج في مجتمعاتنا، يقع العبء الأكبر دائماً على المرأة، لأنها الحلقة الأضعف، و يمكن استدراجها و إقناعها بمرونة أكثر من الرجل، و الأمر الذي يسهل تلك الصفقة بأكبر سرعة ممكنة هو التربية الأسرية و النشأة الاجتماعية المبنية على أسس خاطئة و غير واعية، تكاد أن تدمر جيلاً بأكمله، كما تزيد من الأمور سوءاً دون وضع حلول لتلك المشكلة الخطيرة التي تهدد  المجتمع و بنيته التحتية.

فمن المواقف المحرجة اليومية التي أتعرض لها دوماً عندما أكون بين عدد من الناس أو في جلسة عائلية أو حتى بين أصدقائي و صديقاتي، فإن أول ما يخطر في بال الحضور للسؤال عنه أو التقرب مني بغاية الألفة أو التواصل و بخاصة النساء الكبيرات سناً هو وضعي الاجتماعي  “هل أنت متزوجة”؟ و إذا كان الجواب بالنفي يبحثون عن الأسباب، و كأنهم يناقشون قضية تتعلق بالأمن العام أو العالمي!

“ليش لهلا ما تزوجتي” هذا السؤال بدأ يلاحقني بشكل فظيع و مفرط عندما تجاوزت سن العشرين، فبعد تخرجي من الجامعة و العمل كمدرسة في إحدى المدارس الثانوية بالبلدة، بالنسبة إلي بداية تخرجي و إنهائي تعليمي الجامعي كانت الخطوة الأولى نحو الهدف الذي رسمته في مخيلتي منذ زمن، أحسست بقيمة الحياة و قيمتي كشخص نافع في المجتمع يريد التأثير إيجابياً على محيطه، و مثلما يقولون بالعامية” طاقة الفرج انفتحتلي”.

لم أكن على دراية تامة في المواضيع المتعلقة بالارتباط و إنشاء الأسرة و من ثم تربية الأطفال، في هذه الفترة بالذات لم أكن أملك الوعي الكافي تجاه تلك المسائل، لأنني و بكل بساطة كنت منشغلة بنفسي، عملي، طموحاتي و مشاريعي الفاشلة و التي لن تجدي نفعاً في نظرهم.

استمريت على هذا المنوال متجاهلة هذا السؤال الغريب  الذي كان يسبّب لي في الكثير من الأحايين حالة نفسية صعبة، و لكن على الرغم من كل ذلك أشغلت نفسي باهتماماتي و رغباتي، فبدأت بإنجاز مشاريع صغيرة، إذ قمت بفتح دورات تعليمية، شاركت بمبادرات إنسانية و حملات توعية مبكرة للمراهقين بالإضافة إلى أمور كثيرة أخرى كانت تمتعني و تنتظر الفرصة المناسبة لإتمامها، لأنني كنت أرى الأمور من زاويتي الخاصة و مفاهيمي التي اكتسبتها خلال تجربتي الخجولة في الحياة. لم يكن الزواج يوماً هدفاً أساسياً في حياتي، و لا طموحاً أسعى إليه كباقي الفتيات المتلهفات على الفستان الأبيض، و كأن الحياة تنتهي عند تلك الحادثة.

إن الأسئلة المتكررة حول مسألة الزواج في مجتمعاتنا و إبداء السائل حرصه و قلقه عليك حين تكون غير متزوجاً بعد، و أنت متجاوز سن معين يعتبر في وجهة نظري نوع من أنواع التطفل على حياة الآخرين، لأن لكل فرد منا حياته و معتقداته الخاصة و آراؤه حيال الحياة، و لا يجوز لأحد أن يتطفل أو حتى يشكك في معتقداتك حتى لو كان ذلك بدافع نبيل.

من الآن  فصاعداً إذا واجهتِ هذا النمط من الأسئلة “ليش لهلا ما تزوجتي” من الأجدر بك أن تكوني بكامل كبريائك و تفصحي عن رأيك دون خوف أو خجل و في أوقات كثيرة ليس من الضرورة أن تبرري لمن حولك عن عدم سبب زواجك حتى الآن، لأن ذلك يعتبر شأناً خاصاً بك، و أنت وحدك من تقررين ذلك.

“في أوقات كثيرة أفضل لعبة الدمى التي أدمنت عليها منذ الصغر على التفكير بشكل جدي بالزواج و خصوصاً في هذا السن” . و ماذا عنك أنت “ليش لهلا ما تزوجتي”؟

رأيان على ““ليش لهلا ما تزوجتي”!”

  1. أكاد أجزم أننا نعيش حاليا عصور الظلام الأوروبية … إننا أمة متطفلة ومتخلفة ولا ننظر لأنفسنا بالعين التي ننظر بها إلى الآخرين … هكذا تمت برمجتنا منذ العهد العثماني أو ربما قبل ذلك .. وربما من الإجحاف أنني شبهت أمتنا الشرق أوسخية بعصور الظلام في أوروبا وحيث أنني ملم بالتاريخ فأوروبا لم تعش في الظلام إلى ألف سنة وهي فترة حكم الكنيسة ..
    أنا أيضا دائما أتعرض لهذه الأسئلة ولكن بمنظور مختلف مثلاً ( هل تحب إبنتك من زوجتك الأولى – هل تتذكر أمها الحقيقية – هل زوجتك تحب ابنتك وتعتني بها – هل تدعها عندك عندما تسافر زوجتك لمكان آخر – لماذا ابنتك نحيلة ربما أهملتها زوجتك ـ لماذا يكنونك بأبو فلان وليس باسم ابنتك …….. الخ ) والأقسى من ذلك وأعاني منه أنه هناك بعض الأشخاص عندما يرون ابنتي معي يمسحون على رأسها أو ينظرون إليها ويقولون ( هي ولااااااااااد ) وكأن ابنتي في الجحيم ولا يفهون أنه هذا قدري وقدرها وكثير من الناس يتعرضون لمصائب ونسيوا مصائبهم وصاروا متل العلكة وبدهن يستفسروا عن مصائبي

  2. أبدا لاتفكري ولاتهتمي بكلامهم دائما أرى نفسي فيكي ارى نفسي التي تحقق طموحها وكنت اقول ياليتني بقيت عذباء لكنت حققت طموحاتي في الكتابة والنشر لربما أكملت دراستي الجامعية..او لربما انضممت إلى أكاديمية الأدب الكردي أو اي شيء غير تربية الأطفال أو القيام بالاعمال المنزلية..لم اتخلى عن القليل من طموحاتي ولازلت اعمل كمدرسة للغة الكردية ولكن اشعر بأنه فاتني الكثير والزواج كان السبب الاساسي في التخلي عن الكثير من الاحلام..اشعر بأني اشبهكي في الكثير فكتابة قصيدة تعني لي الكثير واشعر بأنه رصيدي الذي يبقى بعد مماتي. اتمنى ان ابق بصمة جميلة في تاريخ حياتي الاجتماعية والثقافية.على كلا لاتتخلي عن طموحك لأجل رجل مهما كان يعني لك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق