ديالا علي – “أنت صغيرة.. عيشي طفولتك”

حدث بأن فتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عاماً كانت تلعب مع أصدقائها في الحي, إذ بأمها تناديها لتتهيأ لاستقبال ضيوفها على حسب قول الأم (خطّابين) وهنا الصدمة الكبرى التي شعرت بها الطفلة آنذاك.
الزواج المبكر في مجتمعاتنا ظاهرة منتشرة بكثرة ويتم التعامل معها بكل رضا وتقبل سواء من عائلة الفتاة أو الرجل. فمثلاً عندما تقوم عائلة ما بتزويج أحد أبنائها فأوّل ما يخطر في بالهم عمر الفتاة التي سوف تكون كنّة لهم في المستقبل, فهذا العمر في نظرهم يجب ألا يزيد عن ثمانية عشر عاماً وذلك نظراً لصغر سنها، قدرتها على الإنجاب…الخ, دون الالتفات إلى السلبيات التي ستلحق بهذا الزواج, لا سيما بأن الأخيرة مؤسسة تشاركية بين الجنسين مبنية على التفاهم، الحب، المساواة و المشاركة, ناهيك عن إنجاب وتربية الأطفال (مسؤولية كبيرة) حيث أن الوعي هو سيد الموقف.
في هذه الحالات لا تستطيع الطفلة القاصر تحمّل كل تلك الأعباء الهائلة, لا من الناحية الجسدية ولا حتى من الناحية النفسية والفكرية. فذلك سيلحق بالفتاة ضرر جسيم يؤثر على حياتها ومستقبلها مدى الحياة أولها حرمانها من عيش مراحل حياتها على حد سواء، حرمانها من التعليم والتقدم، حرمانها من العاطفة والاهتمام التي هي بأمس الحاجة إليها في هذا العمر الصغير.
هل ذوو الفتيات الذين يزوجون بناتهم في هذا العمر سألوا أنفسهم كيف ستتزوج هذه الطفلة التي لم ترَ من الحياة سوى جانبها الوردي؟
هل سألوا أنفسهم كيف لهذه الطفلة تحمل كل تلك المسؤوليات على عاتقها؟ وهي لا تزال تبكي على كيس من الشيبس وتلعب كالفراشات الخفيفة والبراءة تغلفها بثوبها النقي!
مثل هذا النوع من العائلات يقنعون أنفسهم بأوهام لا حقيقة لها في الواقع للتخلص من العار الذي لحق بهم (كما يعتقدون) تحت غطاء القسمة والنصيب كما إقبالها على الزواج، لتفتخر الأمهات في الجلسات النسائية والعائلية بتزويج ابنتها للحصول على وسام الشرف من المجتمع الذي من المفروض أن يضع حداً لتلك الظواهر التي هي السبب الرئيسي في تفتيته وخرابه.
الأمثلة من حولنا كثيرة بداية من الطالبات اللوات يحلمن بفستان الزفاف وانتهاءاً بمن لم يدرسن قط, باحثين عن فرص الزواج للتخلص من حياتهم القاسية والمفروضة عليهن. وهنا تتجسد فكرة أن الفتاة لا تصلح إلا للزواج وتربية الأطفال.
هكذا حدّدوا حياة النساء بفستان أبيض يلبس ليلة واحدة وباقي العمر شقاء وعناء!
أنت جميلة في كل مراحلك العمرية، أنت قوية وذو شخصية وهدف سامي جئت به إلى هذه الحياة لا تجعلي من بعض العادات والتقاليد التي وضعت ـ كما يزعمون ـ لحمايتك, غير إنها في حقيقة الأمر تدمرك.
لديك الكثير الكثير لم تفعليه بعد، عيشي طفولتك وشبابك
وحققي ذاتك, ليس من خلال الزواج والتفاخر به.
عيشي لتصلي إلى تلك المرحلة التي تختارين فيها شريك حياتك, حينها فقط ستجدين الاحترام والشعور بقيمة الذات الحقيقية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق