ديالا علي: “الحبُّ بمعناه الحقيقيّ”

لا شكّ بأنَّ الحبَّ من أفضل النّعم التي أنعمها الله علينا على هذه الأرض، إنّه سرّ الوجود برمته لولا الحبُّ لما وُجِدت الإنسانية والقيّم السامية التي تنادي بها جميع الأديان والمعتقدات على مر العصور، إنّه غذاء للروح ومنبعٌ للسلام والطّمأنينة في هذا العالم.

منذ الأزل ونحن نتحدّث عن الحبِّ نذكره في أحاديثنا وجلساتنا اليومية مع الأصدقاء والأقارب وغيرهم، ولكنّنا ولا مرة من هذه المرات تعمقنا في مفهومه الحقيقي ماهو؟

 ومن أين جاء ؟

وهل حقا مانتحدث عنه حب أم مجرد كلمات عابرة بدون أي مشاعر أو تكلف؟

 مع الأسف كل شيء حولنا أصبح إصطناعيا حتى المشاعر التي ننادي بها، الزّوج الذي يأتي إلى المنزل مجبر أن يقول لزوجته أحبك، أو بمعنى آخر أصبحت تلك الكلمة من عاداته اليومية، مثلما يقوم بتنظيف أسنانه في كل صباح .

حتى الأب والأم حين يقولون لأولادهم نحن نحبكم ،هل سألوا أنفسهم عن صدق هذه المشاعر ؟

هل شعروا بها أم أنها أصبحت من البديهيات لديهم ؟

 مثلاً كحبّ الوالدين لأولادهم!!

 وغيرها من الأشكال،و الكثير من الأمثلة الحياتية التي نواجهها بشكل يومي ومتكرر…. ولكنَّ المؤسف في الأمر ليس هناك أحد يكلف نفسه قليلا ويترك كل شيء جانبا ويغوص في تلك المشاعر تماما ،يعيشها بكل صدق وأمانة.

يعيشها بحرية تامّة بعيدا عن الأنا والتصنع. ..نحن نحبُّ نعم نحب، ولكن لا نعيش هذا الحب بمفهومه الحقيقي نحب بالكلمات نتعمق في حب الأشكال والمظاهر نغوص في عالم المادة الفانية وننسى القيمة الأسمى لذواتنا وللكون برمته.

أن تحب ليس بالضرورة أن تكون عاشقا لشاب أو لفتاة فقط او تكون عاشقا للآيس كريم او للون سيارة أعجبتك الحب أعمق من ذلك هو مرآه لذاتك من خلاله ترى العالم أجمل، ترى الوجود عبارة عن حديقة من الأزهار الفواحة بالعطور… وفيه جميع الأصناف لكنك تحبهم جميعا دون تمييز لانك تحب ذاتك.

منذ الصغر ونحن نذهب إلى المدارس ومن ثم إلى الجامعات والمعاهد الشيء الأساسي الذي يعلموننا هو المضي وراء العقل والمنطق حتى تكاد أن تنسى ذاتك يقتلون فيك أجمل وأرق المشاعر ويجبرونك على استخدام عقلك لأنه الأهم. لا أهمية للحب والعاطفة كلها أشياء ثانوية في حياة الإنسان ولا يجوز لك المضي وراءها من هذا المنطلق يدمرونك بالمعنى الحرفي لأنه لا يستطيع أي شخص أن يكون متزنا وناضجا من دون الحب ستصبح جمادا كالآلة التي تأخذ الأوامر فقط كالعبد المأمور.

 الحب هو أن ترتفع في السموات ، أن تكون نهرا منسابا من دون توقف يعطي بدون مقابل ولا ينتظر أحد ليقول له شكرا فقط يشعر بالإمتنان وهذا الشعور كاف له. الحب هو الشعور بالإمتنان والرضا هو العطاء الغير مشروط وحده كافي لتسمو فوق ذاتك.

بهذه القيمة العظيمة وحده يستطيع الإنسان ترميم ما أفسده عالم المادة ويبدأ حياة حضارية وراقية تعم فيها القيم والأخلاق إنّه الخلطة السّحرية التي ترمم كلّ ما أفسده الدّهر  ولِتَعيشوا  هذا السّحر إلى أقصى مدى….

 (أَحِبُّوا ذواتكم أولا لأنّ هذا الحبّ ،هوالإنطلاقة نحو اللانهاية)

……

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق