السّاكنون في البناء المهجور..روان جومي

لا يُرْغِي الصابون
خيطُ شمعةٍ ناحرة بخيطِ شمعةٍ أنحر
في دهليزٍ جدرانُه غاصّةٌ بالدهان
الدهان مخاصمٌ نده، مبعثر كقشور البيض
سقفُ الدهليز ملبدٌ برطوبة قانية
تعيد العتمةُ نفسَها على المناديل
سريرٌ رطبٌ لا تسكن الشّمسُ زوايا
هداياه، ولم تقبّلْ يوماً البابَ الخشبّي
المُسْعِل بهواءٍ عفن
بابٌ لم يلجِ الدّفْءُ إليه من الممرّات
الطّويلة الكتومة
الصابونُ لا يرغي
الصابونُ لا يرغي على الأيدي مُذ أنْ
خلّفتْ الحقائبُ رفْقَتها للدُثُر
لا بدّ للأنامل أنْ تتلمّسَ الصابونَ أمام
استغفال الأحداق القاتمة، المُعْدمة هُدى المرشد
ها هي الفصولُ تتم دورتها في رشقِ
الجلد بذائب الخلايا، وتمتلئ بالهاطل العقيم
صنبورُ الماء ينقّطُ
يُغضِب الأجسادَ الباردة، الساكنة بخُطى
سلحفاةٍ غافية
التنقيط ٌيزعج حتى صمت السّكون
بعضُ القطرات عَلِقت بشعيراتٍ فاحمة،
هاربةٍ من المَشْبك الشّعري
يزفرُ الأنف
يتأفّفُ الفم
واللسانُ يلعقُ لعابَه
الجفنُ معادي النور
السابعةُ صباحاً ممسكٌ بالسابعة مساءً
الإفطارُ يلتقي بالغداء ومزاحمٌ للعشاء
يسقطُ بولٌ فاقدٌ حسّه على رخامٍ سخيم
غيرُ ناشفٍ نُطفته
الاستحمام يترك بابَه مفتوحاً
النظراتُ لا تتلصّص
الأثداءُ ضريرةٌ بسوتيانها
الغسيل يُشاهر بالرائحة
ثلاثةُ أصابعَ تنقر الحائط
الأحداقُ تتسنّم باتجاه الصّوت
الآذانُ صمّاءةٌ بالنّقر
الأدمغةُ تغالي بالتخمين
الصَّدغُ الصاحي هو الفاقد ، والصّدغ
المتسرّب بالتطفّل هو عليمُ الآونة
الصّابون لا يرغي
الصّابون لا يرغي بعد طعامٍ مدغدغٍ
بشعيرات أنوفٍ مقمّطة بالتراب
خيالٌ لا يخالُ على البلاط ، جالاً غَوْرِ
غرفٍ سقيمة
رقادٌ ثقيل موصَد بالإغاثة
الماء يزاول التنقيطَ من السقوف
ترتفع الرئتان وتهبط ، ريحُها شائبةٌ بالرّبو
الّلثّة تتوجّس دناسة أسنانها
الأعضاءُ ميتة
الأقدامُ تزاحِم بعضها في الجلوس
الشّراشِف تتعثّر ببطونٍ ملدوغة بجوفها
الكلماتُ متفاقمةٌ بالخرس
الصابون لا يرغي
النّهار يتقمّص اللّيلَ
المكانُ يبتلع نفسَه
هاتفٌ خليوي يُومض … الأعناقُ تتقاطع
بزاوية انحرافِها …
الأدمغةُ تحتجّ :مَنْ يجرؤ على كَسْر رُقادنا؟