أفين ابراهيم ..طفلتي الصغيرة

تحب طفلتي الغرباء
ينظرون إليها بعيون جديدة
تدس جسدها النحيل بين أجساد الآخرين
تنام طويلاً في قلب الكون
ولا يسمع أنينها أحد
تحب طفلتي الغرباء
ترفع ثوبها لتكشف لي عن بطنها الملساء
تقول : إنظري إلى بطني يا أمي
إنظري كم هي جميلة
قولي لي بحق الجحيم
كيف ستستطيع هذه البطن
أن تحتمل طفلاً في داخلها
إنها بالكاد تحتمل ملعقة طعام
أردت أن أقول لها :
ترعبني الحياة
أشعر كأنها ثلاجة ممتلئة بكل أصناف النشوة
بينما تفقدين أنت شهيتك للضوء
أردت أن أقول: كما دائماً
احتفظت بكلامي للكتابة
تحب طفلتي الغرباء ينظرون إليها بعيون جديدة
لا تشبه عيوني الكبيرة
عيوني التي عاشت الحياة كلها بطريقة معاكسة
عيوني التي في العشرين كتبت للحب
في الأربعين للرجل ذي الصوت الأبيض
الرجل الذي أنام بجانبه كل مساء
أستيقظ في الرابعة صباحاًولا أراه
الآن وأنا قريبة من الخمسين
تكتب هذه العيون
قلقي.. خوفي الشديد على طفليّ
تبكي حياتهم القادمة
تبكي الحب الذي سيتعفن تحت جلدهم يوماً
الأقفاص التي سيحطمونها
الأقفاص التي سيبنوها على أثر الحطام من جديد
تبكي لحظات السعادة القليلة في ساعاتهم
ذاكرتهم التي ستتلاشى في الوقت
تلك الفراشات الذي سيرتفع يوما في صدورهم
في الخمسين تبكي العيون نفسها من الوحدة
في الستين على الأشجار الواقفة في الطريق
الأشجار الجميلة بقسوة
الأشجار التي ستظل بعدنا وحيدة تنتظر طفلاً آخر
ليكبر يبكي عليها عندما يصل السبعين
عيوني كبيرة
عشت حياتي كلها بطريقة مقلوبة
لست نادمة أنا حزينة
طفلتي أيضا تحب الغرباء
تدس جسدها النحيل بين أجساد الآخرين
تنام طويلاً في قلب الكون
ولا يسمع أنينها أحد
آآآآآه ..
ستعيش حياتها كلها بطريقة مقلوبة
ترفع ثوبها لتكشف لي عن بطنها الصغيرة
انظري الى بطني
انظري كم هي جميلة
قولي لي بحق الجحيم
كيف لهذه البطن
أن تحتمل طفلاً في داخلها
كيف تستطيع أن تنجب كل هذه القسوة للحياة
تحب الغرباء تكور جسدها الشاحب
جسدها الهزيل المتهدم على السرير
أسألها تحتاج لضمة صغيرتي؟
تجيب لا أود فقط العودة لبطنك أمي.